مجموعة محاضرات ودروس عن الحج
البدع الفعلية التي يقع فيها الحاج
لا بأس أن نذكر شيئا من هذه البدع. وأكثرها في مكة اسم> من المزارات. فالذين مثلا يتجشمون المشقة ويصعدون إلى غار حراء اسم> هؤلاء ليسوا على حق؛ وذلك لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- بعدما نزل عليه الوحي ما كان يأتي إليه، وكذلك لما حج حجة الوداع ولما اعتمر ما صعد إلى ذلك الجبل، ولا رخص لأحد في أن يصعده إلى أن يصل إلى ذروته الذي هو غار حراء اسم> ؛ إنما كان قبل أن يوحى إليه كان يتعبد فيه فالصعود إليه يعتبر بدعة.
كذلك أيضا كثير يتجشمون مشقة ويصعدون إلى غار ثور اسم> الغار الذي اكتن فيه لما طرده المشركون. ولكن لم يذكر أن له مزية ولا له فضيلة ولو كان مذكورا في القرآن؛ فالذهاب إليه والصعود إليه يعتبر بدعة.
وكذلك الذين إذا صعدوا أتوا إلى تلك الأشجار وعقدوا فيها عقدا أو خرقا يقولون: إن هذه الخرقة تشهد لنا أننا أتينا إلى هذا المكان، وأنها تنفعنا، هذه الخرقة أو هذه الشجرة أو هذا الغار الذي كان فيه النبي -صلى الله عليه وسلم- هذه أيضا لا أصل لها.
كذلك أيضا في يوم عرفة نشهد وتشاهدون كثيرا يصعدون الجبل الذي يسمى جبل الرحمة اسم> ويسمى أو يعرف بجبل إلال اسم> هذا الجبل لم يصعده النبي صلى الله عليه وسلم. وإنما وقف في الأرض عند الصخرات الكبار، وجعل الجبل بينه وبين القبلة، ولم يكن يقصد الجبل. فهناك أناس يصعدون الجبل ويتمسحون به. يتمسحون بتلك الحجارة مع أنها حجارة لا تضر ولا تنفع، وليس لها تأثير ولا فائدة.
وكذلك أيضا نجد أن أناسا بعيدين يجعلون القبلة خلف ظهورهم إذا كانوا بعرفة اسم> ويستقبلون الجبل. يَدَّعون أن استقباله أفضل من استقبال الكعبة اسم> وهذا أيضا خطأ؛ فليس له مزية وليس له فضيلة.
وأما في الطواف والسعي فإن هناك من يتمسحون بجدار الحجر الذي هو حجر إسماعيل اسم> إذا مروا به مسحوه بأيديهم ومسحوا بخدودهم. وهذا أيضا قد يكون شركا لا أصل له.
وكذلك الذين يتمسحون بكسوة البيت اسم> ويدعون أن لها بركة وأن لها فائدة. وكذلك الذين يتمسحون بالزجاج الذي على مقام إبراهيم اسم> يتزاحمون عليه مع أنه إنما صنع قبل ثلاثين سنة أو نحوها من المصانع الأهلية التي تصنع هذا الزجاج.
وكذلك يتمسحون بالأخشاب التي يصعد عليها الخطيب يدعون أن فيها بركة وأن لها تأثيرا. ليس هناك شيء يتبرك به ولا يتمسح إلا الحجر الأسود اسم> وكذلك الركن اليماني اسم> ؛ لأنهما على قواعد إبراهيم اسم> فالنبي -صلى الله عليه وسلم- قَبَّلَ الحجر الأسود اسم> واستلمه بمحجن وقَبَّلَ المحجن، وكذلك استلم الركن اليماني اسم> الذي هو الغربي الجنوبي بأن وضع عليه يده.
وأما بقية أجزاء البيت اسم> فلم يحصل أنه استلم شيئا منها ولا تمسح بذلك، ولا تمسح بالكسوة ولا شرع ذلك فهذا من البدع.
نعرف أيضا أن الذين يرون أنه لا بد من زيارة المدينة اسم> وأن زيارة المدينة اسم> فرض وحتم. نقول: إن هذا ليس بحتم إنما تشرع زيارة المسجد النبوي؛ اسم> المسجد النبوي اسم> هو ثاني المساجد الثلاثة التي تشد إليها الرحال في قوله صلى الله عليه وسلم: رسم> لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام اسم> ومسجدي هذا والمسجد الأقصى اسم> متن_ح> رسم> فهذه المساجد تضاعف فيها الصلاة.
فإذا نوى الإنسان أن يسافر إلى المدينة اسم> لأجل القربة فتكون قربته متى يكون قصده الصلاة في المسجد؛ لأنها تضاعف بألف صلاة، الصلاة الواحدة بألف صلاة. ولا يجعل قصده القبر ولا قبور الشهداء ولا قبور أهل البقيع اسم> والمزارات وما أشبهها؛ فكلها لا أصل له، ولا يجوز شد الرحال إليها.
وأما الأحاديث التي تروى في فضل زيارة قبر النبي -صلى الله عليه وسلم- فإنها كلها ضعيفة أو موضوعة لا يثبت منها شيء فلا يلتفت إلى من يروجها.
كذلك هناك إذا زرت المدينة اسم> فإنك تجد هناك من يدعوك إلى المزارات فيقول: أتريد الزيارة؟ فيزورون بك أماكن لا أصل لها إلا مسجد قباء اسم> ؛ فقد كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يأتيه كل سبت ماشيا أو راكبا ويصلي فيه؛ وذلك لأنه المسجد الذي ذكر في قول الله تعالى: رسم> لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ قرآن> رسم> إلى آخره. فإنه مسجد قباء اسم> ؛ لأنه الذي أسس أول ما قدم النبي صلى الله عليه وسلم، فالصلاة فيه يعني الإتيان إليه من داخل المدينة اسم> لا بأس به. وأما السفر لأجله فلا يجوز.
وبكل حال فإن هذه أمثلة من البدع التي هي مزارات ونحوها.
مسألة>